وسكونه ونطقه وسكوته حجج من حجج الله تعالى وأدلته من أدلته فالمغير لها معرض إلى المخالفة لأحكام الله تعالى بما وضعه واخترعه وضرره أشد من ضرر المعاصي المختصة بأربابها لأن في هذا مضرة بالخلق عمومًا، انتهى.
خاتمة: قال الإمام القرطبي في كتابه التذكرة (١): قال علماؤنا: فتخويفه - صلى الله عليه وسلم - بالنار على الكذب دليل على أنه كان يعلم أنه سيكذب عليه فحذار مما وضعه أعداء الدين وزنادقة المسلمين في باب الترغيب والترهيب وغير ذلك، وأعظمهم ضررًا أقوام من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث حسبة فيما زعموا فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركونًا إليهم فضلوا وأضلوا، وقد ذكر الحاكم وغيره من شيوخ المحدثين أن رجلا من الزهاد انتدب في وضع أحاديث في فضل القرآن وسوره، فقيل له: لم فعلت هذا؟ فقال: رأيت الناس زهدوا في القرآن فأحببت أن أرغبهم فيه، فقيل له النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار، فقال: أنا ما كذبت عليه إنما كذبت له، وزعم بعضهم: أن هذا كذب له - صلى الله عليه وسلم - لا كذب عليه، كما تقدم، وهذا الذي انتحلوه وفعلوه واستدلوا به غاية الجهالة ونهاية الغفلة، والله أعلم.
* * *
(١) تفسير القرطبي (١/ ٨٠)، والتذكار في أفضل الأذكار (ص ١٧٠).