للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على حاله ولكني أدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المسلمون فإن أبى حاكمته إلى اللّه تعالى فانصرف عنه المغيرة مغضبا لما لم يقبل نصيحته، فلما كان الغد أتاه فقال: يا أمير المؤمنين نظرت فيما قلت لك بالأمس وفيما جاوبتني فيه فرأيت أنك وفقت للخير وطلبت الحق، ثم خرج عنه، فلقيه الحسن وهو خارج فقال: أاللّه ما قال هذا الأهور، قال: أتاني بالأمس بكذا وأتاني اليوم بكذا، فقال: نصح لك أمس، وخدعك اليوم، فقال له علي: إن أقررت معاوية على ما بيده كنت متخذ المضلين عضدًا، فقال المغيرة في ذلك:

نصحتُ عليًّا في ابنِ هندٍ نصيحةً ... فردَّ فلَمْ أنصَحْ لهُ الدهرَ ثانيَهْ

فقلتُ لهُ أرسلْ إليهِ بعهدهِ .. على الشامِ حتّى يستقرَّ معاويَهْ

ويعلمَ أهلُ الشام أنْ قد ملكتَهُ ... فأمُّ ابن هندٍ بعدَ ذلك هاوِيَهْ

فلَمْ يقبلِ النُّصْحَ الذي جئتهُ بهِ ... وكانَتْ لهُ تلكَ النصيحةُ كافيَهْ

انتهى.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن كذبًا عليّ ليس ككذب على أحد ... ) الحديث، وفي الحديث أيضًا: "لا تكذبوا علي فإنه من يكذب عليّ يلج النار" (١) وهذا الحديث أصل عظيم في التحذير من الكذب على رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - والتشديد فيه بالوعيد الشديد، وقد أشار عليه الصلاة والسلام بقوله: (إن كذبًا عليّ ليس ككذب على أحد) أن الكذب عليه كذب على اللّه تعالى لأنه يدخل في الشريعة ما ليس منها ويخرج منها ما هو فيها، فإن أقواله وأفعاله وحركته


(١) أخرجه البخاري (١٠٦)، ومسلم (١ - ١)، وابن ماجة (٣١)، والترمذي (٢٦٦٠) عن علي بن أبي طالب.