للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كانت إذا نزلت بأحدهم نازلة أو أصابته مصيبة أو مكروه [تسبّ] الدهر اعتقادا [منهم] أن الذي أصابه فعل الدهر فكان هذا كاللعن للفاعل ولا فاعل لكل شيء إلا اللَّه تعالى خالق كل شيء وفاعله فنهاهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، اهـ] (١).

[و] أما قوله لَا تسبوا الدهر فإن اللَّه هو الدهر فمعناه ما أصابك من الدهر فاللَّه فاعله ليس الدهر فإذا سميت به الدهر فكأنك أردت به اللَّه سبحانه لأنه الفعال لما يريد لا الدهر، وكان من شأن العرب أن تذم الدهر وتسبه عند النوازل والحوادث ويقولون أبادهم الدهر وأصابتهم قوارع الدهر وحوادثه، ويكثرون ذكره بذلك في أشعارهم وذكره اللَّه تعالى في كتابه العزيز فقال: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} (٢).

[وقال بعض العلماء: وأما قوله عز وجل أنا الدهر فهو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون [يا] خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا تسبوا الدهر فإن اللَّه هو الدهر أي لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على اللَّه تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق اللَّه تعالى ومعنى فإن اللَّه هو الدهر أي فاعل النوازل والحوادث


(١) حصل تأخير لهذه الفقرة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله: (وهذا هو الذي اختاره الإمام المازري وقيل غير هذا مما ليس بظلم واللَّه أعلم).
(٢) سورة الجاثية، الآية: ٢٤.