للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دليل على أنه لا يستحب التصدق بجميع المال وإنما يستحب التصدق بالفاضل عن الكفاية وهذا في حق من لا يصبر على الإضافة فيختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة وهي مسألة اختلف أهل العلم فيها، فمذهب الشافعي رحمه الله إن كانت نفسه شديدة الصبر لم [يكره له] التصدق بجميع ماله ألا ترى أن الصدِّيق -رضي الله عنه- خرج من جميع أمواله؟ أما من خشي على نفسه قلة الصبر فيكره له الخروج من جميع ماله. وحكى القاضي عياض عن الجماهير أنه يجوز الخروج من جميع المال، وعن بعض أهل العلم أنّ ذلك يجوز وذكر أنه مذهب عمر -رضي الله عنه- وحكى عن بعضهم أنه لا تجوز الزيادة على الثلث [ومستنده أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا لبابة بإخراج الثلث] (١). وعن بعض أهل العلم أنه لا يُزاد على النصف، والله أعلم. قاله ابن عقيل الحنبلي في شرح الأحكام.

فائدة: يؤخذ من الحديث أنه ليس من شرط التوبة التصدق بالثياب ولا بالمال وللتوبة شروط أحدها الإقلاع عن الذنب بالقلب والندم على الذنب والعزم على أن لا يعود إليه في الأزمنة المستقبلة فلو تاب في رمضان عن شرب الخمر وفي عزمه أنه بعد رمضان يعود إليه لم تصح توبته ولا بد أن يعزم على أن لا يعود مع القدرة وإلا فلا تتحقق التوبة، فلو جُبَّ ذَكَر الزاني وعزم أن لا يعود لم يتحقق صدق توبته لفقر آلة الزنا. وكذلك من كان يتضرر بشرب الخمر فتاب عنها لذلك لم يتحقق صدق توبته ولا بد أن يكون العزم


(١) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.