للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حكيما. وهذه صفات الرب سبحانه وتعالى، وعنها وقع البيان بقوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله خلق آدم على صورته، يعني على صفاته التي تقدم ذكرها.

فائدة أخرى: ثم روى بإسناده ابن عطية أو القاضي أبو بكر بن العربي أن موسى بن عيسى الهاشمي كان يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما أنت طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر، فاحتجبت عنه وقالت طلقت وبات بليلة عظيمة، فلما أصبح أتى المنصور فاستحضر الفقهاء وسألهم فأجاب كلهم بالطلاق إلا واحدا فقال لا تطلق لقوله تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)} (١)، فقال المنصور الأمر كما قال، ثم أرسل إلى زوجته بذلك. [و] هذا الجواب نقل عن الشافعي. قلت وقد أذكرتني هذه الحكاية ما ذكره الزمخشري عند قوله تعالى {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} (٢) أن عمر بن حطان الخارجي كان شديد السواد وكانت امرأته من أجمل النساء فأطالت نظرها في وجهه يوما وقالت الحمد لله، فقال ما لك؟ فقالت حمدت الله تعالى على أني وإياك في الجنة. قال كيف؟ قالت لأنك رُزقت مثلي فشكرت ورزقت مثلك فصبرت وقد وعد الله عباده الصابرين والشاكرين الجنة، وما أحسن قول سحيم عبد بني الحسحاس، بيت:

إن كنتُ عبدًا فنفسي حرة كرما ... أو أسود اللون فإني أبيض الخلق

ذكرت الفائدتان في حياة الحيوان (٣)، والله أعلم.


(١) سورة التين، الآية: ٤.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٢٧.
(٣) حياة الحيوان الكبرى (١/ ٥٦).