للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ] الإمام أبو عبد الله القرطبي (١) هذا النبي هو موسى بن عمران، وفي نوادر الأصول (٢) أنه موسى بن عمران، كذا قاله الحافظ العسقلاني الشهير بابن حجر على حاشية نسخته. وقوله: "فأمر بقرية النمل فأحرقت"، وقرية النمل هي منزلهن وهي مسكنها وبيتها والجمع قرى والقرية من المساكن والأبنية الضياع وقد تطلق على المدن ومنه الحديث أمرت بقرية تأكل القرى وهي مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعنى أكلها القرى ما يفتح على أيدي أهلها من المدن ويصيبون من غنائمها. قاله في النهاية (٣).

قال العلماء -رضي الله عنهم- هذا الحديث محمول على أن شرع ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- كان فيه جواز قتل النمل وجواز الإحراق بالنار ولم يعتب عليه في أصل القتل والإحراق بل في الزيادة على نملة واحدة.

وقوله سبحانه وتعالى: "فهلا نملة واحدة" أي فهلا عاقبت نملة واحدة وهي التي قرصتك لأنها الجانية، وأما غيرها فليس له جناية. وأما في شرعنا فلا يجوز الإحراق بالنار للحيوان إلا إذا أحرق إنسانا فمات بالإحراق فلوليه الاقتصاص بإحراق الجاني وسواء في منع الإحراق بالنار القمل وغيره للحديث المشهور: لا يعذب بالنار إلا الله. وأما قتل النمل فمذهبنا أنه لا يجوز، واحتج أصحابنا فيه بحديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل أربع


(١) حياة الحيوان الكبرى (٢/ ٤٩٩).
(٢) نوادر الأصول (١/ ٤٠٧).
(٣) النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٥٧).