للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اتخذت بيوتًا في هذه الثلاثة الأمكنة الجبال والشجر وبيوت الناس حيث يعرشون؛ أي يبنون العروش، فلا ترى النحل في غير هذه الثلاثة البتة. وتأمل يا أخي كيف كانت أكثر بيوتها في الجبال، وهو المقدم في الآية ثم الأشجار وهي دون ذلك، ومما يعرشون الناس وهي أقل بيوتها. فانظر كيف أداها حسن الامتثالى إلى أن اتخذت البيوت قبل المرعى. فهي تتخذها أولًا، فإذا استقر لها بيت خرجت فرعت وأكلت من الثمرات، ثم أوت إلى بيوتها، لأن ربها سبحانه أمرها باتخاذ البيوت أولًا، ثم بالأكل بعد ذلك، وقال في الإحياء: انظر إلى النحلة كيف أوحى الله إليها، حتى اتخذت من الجبال بيوتًا، وكيف استخرج من لعابها الشمع والعسل، وجعل أحدهما ضياء والآخر شفاء. ثم لو تأملت عجائب أمرها في تناولها الأزهار، واحترازها من النجاسات والأقذار، وطاعتها لواحد من جملتها، وهو أكبرها شخصًا وهو أميرها، ثم ما سخر الله له أمرها بالعدل والإنصاف بينها، حتى إنه ليقتل منها على باب المنفذ، كل ما وقع منها على نجاسة، لقضيت من ذلك العجب، إن كنت بصيرًا في نفسك، وفارغًا من هم بطنك وفرجك، وشهوات نفسك.

تنبيه: كره مجاهد قتل النحل، وتحريم أكلها، وإن كان العسل حلالا، كالآدمية لبنها حلال ولحمها حرام. وأباح بعض السلف أكلها كالجرادة، والدليل على الحرمة نهي الثبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتلها. وفي الإبانة، في كتاب الحج، يكره قتلها، اهـ، ذُكِر جميع ذلك في حياة الحيوان (١).


(١) حياة الحيوان الكبرى (٢/ ٤٧٢).