للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحب في الله تعالى من ثمرات حب الله تعالى. قال بعضهم: المحبة مواطأة القلب على ما يرضي الرب فيحب ما أحب ويكره ما كره. وقال مالك: المحبة في الله تعالى من واجبات الإسلام، وهو دأب أولياء الله تعالى. وقال يحيى بن معاذ الرازي حقيقة المحبة أن لا [تزيد] بالبر ولا [تنقص] بالجفاء، وقال القاضي البيضاوي المراد بالحب هاهنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل رجحانه ويستدعي اختياره وإن كان على خلاف الهوى، ألا ترى أن المريض يعاف الدواء وينفر عنه طبعه ويميل إليه باختياره ويهوى تناوله بمقتضى عقله لما علم أن صلاحه فيه، فالمرء لا يؤمن إلا إذا تيقن أن الشارع -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل والعقل يقتضي ترجيح جانبه وكماله بأن [تتمرن] نفسه بحيث يصير هواه تبعا لعقله ويلتذ به التذاذا عقليا.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: ومن يكره أن يعود في الفكر بعد إذ أنقذه منه، الحديث. أي يصير إليه، فالعود قد يكون بمعنى الرجوع إليه بعدما دخل في الإسلام.

وقد يكون بمعنى المصير إليه ابتداء، ومنه قوله تعالى في قصة شعيب: {أَوْ لَتَعُودُنَّ} (١)، قال قوم معناه لتصيرن إلى ملتنا لأن شعيبا لم يكن قط على الكفر. وقيل الخطاب مع أصحاب شعيب الذين دخلوا في دينه واتبعوه بعدما كانوا كفارا. وقوله: "بعد إذ أنقذه الله منه " أي خلّصه ونجاه.


(١) سورة الأعراف، الآية: ٨٨.