للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها" الحديث. قالوا ذكر اليمين والشمال مبالغة في الإخفاء والإسرار بالصدقة، وضرب المثل بهما لقرب اليمين من الشمال [أو] لملازمتها، ومعناه لو قدرت الشمال رجلا متيقظا لما علم صدقة اليمين لمبالغته في الإخفاء، وقال بعضهم المراد من عن شماله من على شماله من الناس وهذا في صدقة التطوع إذ الواجبة إعلانها أفضل.

قوله: "ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" إذ [هو] حينئذ يكون خالصا لله مبرّءا عن شائبة الرياء. فإن قلت: العين لا تفيض بل الفائض هو الدمع. قلت: أسند الفيض إلى العين مبالغة كأنها هو الفائض، وذلك كقوله تعالى: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} (١)، فإن قلت المذكور ثمانية لا سبعة لأنه قال ورجلان تحابا. قلت والمراد ورجل يحب غيره في الله تعالى. فإن قلت: أهذا مختص بالرجال أم النساء أيضا كذلك؟.

قلت: ليس مختصا، قال أكثر الأصوليين أحكام الشرع عامة لجميع المكلفين وحكمه على الواحد حكم على الجماعة إلا ما دلّ الدليل على خصوص البعض؛ وفيه الحث على العدل وعلى التحاب وهو من المهمات وهو من الإيمان وفيه فضل صدقة السر، وفيه فضيلة البكاء من خشية الله والفقه وغيره، اهـ. قاله الكرماني في شرح البخاري (٢).

٤٥٦٨ - وعن عبد الله يعني ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن من الإيمان أن يحب الرجل رجلا لا يحبه إلا لله من غير مال أعطاه فذلك


(١) سورة المائدة، الآية: ٨٣.
(٢) الكواكب الدراري (٥/ ٤٧).