للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الانفراد والذهاب في الأرض على سبيل الوحدة من فعل الشيطان أو شيء يحمله على الشيطان، وكذلك الراكبان، وهو حث على اجتماع الرفقة في السفر. قال علماء السادة الصوفية رضي اللّه تعالى عنهم: هذا في سفر آحاد الناس عامة، أما سفر الأولياء والصالحين والفقراء المجردين الصادقين والصديقين ممن تجمعهم راية الاصطفاء فرادى فذلك في حقهم غير منهي عنه هل هو مندوب لهم لما يجدون في الانفراد من الصفاء والأنس باللّه عز وجل، وقوة اليقين والقرب منه تعالى وحصول التمكين عند البعد من الخلائق أجمعين، فهذا في حقهم غير منه عنه، واللّه تعالى أعلم.

فائدة: قال أبو الفرج بن الجوزي رحمة الله تعالى عليه في كتابه تلبيس إبليس (١): قد لبَّس إبليس على خلق كثير من الصوفية فأوهمهم أن التوكل ترك الزاد، وهذا القول فاسد، وحمقى القصاص يحكون ذلك عنهم على سبيل المدح لهم به فتضمن ذلك تحريض المبتدئين على مثل ذلك وبأفعال أولئك ومدح هؤلاء فسدت الأحوال، وخفيت على العوام الصوفية والإخبار عنهم بذلك كثيرة، قال أبو نعيم الأصبهاني (٢): سمعت محمد بن الحسن بن علي القبيطي يقول: حضرت أبا عبد اللّه بن الجلاء، وقيل له: هؤلاء القوم يدخلون البادية بلا زاد ولا عدة يزعمون أنهم متوكلة فيموتون. فقال هذا فعل رجال الحق، فإن ماتوا فالدية على القاتل. قال المصنف: قلت هذه فتوى


(١) تلبيس إبليس (١/ ٣٦٥).
(٢) طبقات الصوفية (١/ ١٤٦)، وتاريخ مدينة دمشق (٦/ ٩٠)، وتلبيس إبليس (١/ ٣٦٦).