للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جاهل بالشرع إذ لا خلاف بين فقهاء الإسلام أنه لا يجوز دخول البادية بغير زاد، وأن من فعل ذلك فمات بالجوع فإنه عاص للّه سبحانه وتعالى مستحق لدخول النار، وكذلك إذا تعرض بما غالبه العطب فإن اللّه عز وجل جعل النفوس وديعة عندنا. وقال عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (١)، ولو لم يكن للمسافر ولو لم يكن للمسافر زاد إلا أنه خالف أمر اللّه عز وجل وتعالى: {وَتَزَوَّدُوا} (٢)، وقد اعتذر لهم أبو حامد الغزالي رحمه اللّه تعالى، فقال: "يجوز دخول المفازة بغير زاد بشرطين: أحدهما أن يكون الإنسان قد راض نفسه بحيث يمكنه الصبر عن الطعام، أسبوعا ونحوه والثاني أن يمكنه التقوت بالحشيش ولا تخلو البادية من أن يلقاه آدمي بعد الأسبوع أو تنتهي إلى حله أو حشيش يرجى فيه قوته. قلت: أقبح ما في هذا القول أنه صدر من فقيه فإنه قد لا يلقى أحدا وقد يضل ويقد يمرض فلا يصلح له الحشيش، وقد يلقى من لا يطعمة ويتعرض لمن لا يضيفه وتفوته الجماعة قطعا، وقد يموت فلا ينتبه أحد. قال: أحمد بن الحسين بن حسان أن أبا عبد اللّه أحمد بن حنبل رحمه اللّه تعالى سئل عن الرجل يدخل المفازة بغير زاد فأنكره إنكارا شديدا، وقال: أفّ أفّ لا لا، ومدّ بها صوته إلا بزاد ورفقاء وقافلة، انتهى (٣).


(١) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٩٧.
(٣) الحث على التجارة والصناعة (١/ ٩٠)، وتلبيس إبليس (١/ ٣٦٨).