للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رزقه ولأتجرنّ له من وراء تجارة كل تاجر، ومن آثر هواه على هواي لأشتتن عليه أمره ولأجعلن فقره بين عينيه ولأحضرنّه همومه الحاضر منها والغائب والقديم منها [والحادث] حتى لا يدري من أين تجيئه ومن أيت تأخذه. قال الغزالي حجة الإسلام (١): [اعلم] أن ذم الدنيا لا يكفيك ما لم تعرف الدنيا المذمومة ما هي وما الذي ينبغي أن يجتنب منها؛ [ثم قال:] دنياك وأخراك عبارة عن حالتين من أحوال قلبك [فالقريب] الداني منها يسمى دنيا وهو كل ما قبل الموت، [والمتراخي] المتأخر يسمى آخرة وهو [ما بعد] الموت فكل مالك [فيه حظ وغرض ونصيب وشهوة] ولذة في عاجل الحال قبل الوفاة فهي الدنيا في حقك إلا أن جميع ما لك إليه ميل وفيه نصيب وحظ [فليس] مذموم بل هو ثلاثة أقسام:

القسم الأول ما يصحبك في الآخرة ويبقى معك [ثمرته] بعد الموت [و] هو العلم والعمل فقط، وأعني (٢) بالعلم العلم بالله وصفاته [وأفعاله] وملائكته وكتبه ورسله وملكوت سماواته وأرضه والعلم بشريعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأعني بالعمل العبادة الخالصة لوجه الله تعالى.

والقسم الثاني وهو كل ما فيه حظ عاجل ولا ثمرة له في الآخرة أصلا كالتلذذ بالمعاصي كلها والتنعم بالمباحات الزائدة على قدر الضرورة والحاجة [الداخلة في جملة الرفاهية والرعونات كالتنعم بالقناطير المقنطرة]


(١) إحياء علوم الدين (٣/ ٢١٩).
(٢) اللوحة ١٣٧ تكرار للوحة ١٣٦.