الوقت والمنقطع إليها والمعتزل عن الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه عز وجل، فهو على التحقيق قد هاجر إلى ربه تعالى، وفرّ من جميع خلقه، [انتهى]، والله تعالى أعلم.
فائدة يختم بها الباب: قال عبد الواحد بن زيد استبطأ معاذ بن جبل - رضي الله عنه - نفسه في الطاعة لله عز وجل فغضب يوما على نفسه وخرج إلى البقيع فاتزر وألقى ثيابه وجعل [يتقلب] في الرمضاء وهو يبكي ويقول: ذوقي يا نفس جيفة بالليل بطالة بالنهار، فنزل جبريل - عليه السلام - فقال: يا محمد من هذا الذي باهى الله به الملائكة من أصحابك في هذا اليوم؟ فقال: ما أدري. قال: فانطلق معي أركه، فجاء به إلى بقيع الغرقد فلما بصُر بهما [لبس] ثيابه وجعل يعتذر إليهما، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله إن نفسي أعيتني فأردت أن أذكرها عذاب الله عز وجل، قال: فإن الله عز وجل قد باهى بك الملائكة فلك عند الله دعوة مستجابة فادع لإخوانك. فقال: اللهم اجمع على الهدى أمرنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: زدهم. فقال: اللهم اجعل التقوى زادنا. قال: زدهم. قال: اجعل الجنة مآبنا. قال: آمين آمين وجبت (١)، ذكره أيضًا صاحب تهذيب النفوس [والله تعالى أعلم بالصواب].