للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بابه. وأما البكاءون فهم جمع باكٍ وسيأتي الكلام على البكاء في بابه. قوله - صلى الله عليه وسلم - "فأولئك لهم الرفيق الأعلى" الحديث، والمراد بالرفيق الأعلى من ذكرهم الله تعالى في سورة النساء: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} (١)، ومعنى الآية أنه يكون مع النبيين في الجنة لا تفوته رؤيتهم ولا مجالستهم، فالرفيق الأعلى جماعة الأنبياء الذين يسكنون في أعلى عليين وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة كالصديق والخليط والرفيق المرافق في الطريق.

تنبيه: وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عند الموت (٢): اللهم ألحقني بالرفيق الأعلى أي الملائكة أصحاب الملأ الأعلى.

فإن قلت: هذا فيه التمني للموت إذ لا يمكن الإلحاق [بهم] إلا بالموت. قلت: هذا ليس تمنيا للموت غايته أن يكون مستلزما لذلك، والمنهي ما هو المقصود بذاته أو المنهي هو المقيد وهو ما يكون من ضر أصابه، وهذا ليس منه بل للاشتياق إليهم.

قال ابن بطال (٣): فإن قيل: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألحقني تمني للموت، أجيب بأنه قال ذلك بعد أن علم أنه ميت في يومه ذلك ورأى الملائكة المبشرة له عن ربه عز وجل بالسرور الكامل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة


(١) سورة النساء، الآية: ٦٩.
(٢) صحيح البخاري (٤٤٤٠)، وصحيح مسلم (٨٥) (٢٤٤٤).
(٣) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٩/ ٣٨٨).