للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: "وعن أبي سعيد الخدري" تقدم. قوله: "إن الدنيا خضرة حلوة" الحديث، ومعناه يحتمل أن المراد به شيئان أحدهما حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة، فإن النفوس تطلبها طلبا حثيثا فكذا الدنيا، والثاني سرعة فنائها كالفاكهة الخضراء فإنها سريعة الذهاب فشبه الدنيا بالشيء الأخضر في هذين الوصفين الدنيا في الحال حلوة خضرة وفي المآل مرة كدرة، [فنعمت] المرضعة وبئست الفاطمة، "شعر":

إنما الدنيا نهار ضوءُهُ ضوء مُعارُ ... بينما عيشك غضٌّ ناعمٌ فيه اخضرارُ

إذ رمَاه زمَنَاهُ فإذا فيه اصفرارُ ... وكذلك الليل يأتي ثم يمحوه النهارُ

الذي بشّر أمته بفتح الدنيا عليهم حذّرهم من الاغترار بزهرتها وخوفهم من خضرتها وحلاوتها وأخبرهم بخرابها وفنائها وأن بين أيديهم دارا لا تنقطع خضرتها وحلاوتها فمن وقف مع زهرة هذه العاجلة انقطع وهلك ومن لم يقف معها وسار إلى تلك وصل ونجا، قاله ابن رجب (١).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن الله مستخلفكم فيها"، الحديث، أي جعلكم خلفا من القرن الذي قبلكم فينظر هل تعملون بطاعته أم بمعصيته وشهواتكم وقيل معنى مستخلفكم فيها جاعلكم فيها أي جاعلكم خلفاء في الدنيا تملكونها وتتصرفون فيها وقيل استخلافهم فيها هو ما أورثهم الله منها مما كان في أيدي الأمم من قبلهم كفارس والروم وحذرهم من فتنة الدنيا وفتنة النساء خصوصا فإن النساء أول ما ذكره الله تعالى من شهوات الدنيا ومتاعها في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ


(١) لطائف المعارف لابن رجب (ص: ٣١٠).