للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الإمام فخر الدين الرازي (١): نسبة ذلك القدر القليل الذي أخذه ذلك العصفور من ذلك إلى كلية ذلك الماء مسبة متناه إلى غير متناه، فأين إحدى النسبتين من الأخرى، انتهى.

قوله: وفي رواية: "بينا موسى يمشي في ملأ من بني إسرائيل" الملأ بالقصر الجماعة، وهذه القصص التي أخبر الله تعالى بها محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عن موسى وصاحبه الخضر عليهما الصلاة والسلام تأديب منه له، وفي هذا الحديث فضل عظيم للخضر لأن كليم الله موسى عَلِيْه السَّلام ذهب في الساعة ليتعلم من علمه مع عظم شأنه في أنبياء الله.

تنبيه: في قوله تعالى في قصة الخضر وموسى عليهما السلام أيضًا: {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: ٦٠] أي: دهرًا وزمانًا غير محدود بل يسير أبدًا، وقال ابن عمر: الحقب ثمانون سنة، وقال مجاهد: سبعون سنة، وقيل: ثلاثمائة سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما كل يوم كألف سنة مما تعدون، وأقل ما قيل فيه أن الحقب سنة (٢)، فهذا نبي الله وصفيه وأشرف الخلق نفسًا وأكملهم عقلًا وأوفاهم عصمة، أعني في زمانه أجمع على أن يمشي طول عمره في طلب زائد علم لا يجب عليه فكيف بطلب علم واجب تفتقر الشريعة إليه، والله أعلم.


(١) مفاتيح الغيب (٢١/ ٤٧٨ - ٤٧٩).
(٢) انظر تفسير القرطبي (١١/ ١١) و (١٩/ ١٧٧ - ١٧٨).