للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع"، وفي حديث آخر (١): ندم أن لا يكون استعتب، الحديث. إذا كان المحسن يندم عند موته على ترك الزيادة فكيف يكون حال المسيء؟ غاية أمنيّة الموتى في قبورهم حياة ساعة يستدركون بها ما فاتهم من توبة وعمل صالح وأهل الدنيا يفرطون في حياتهم فتذهب أعمارهم في الغفلة [ضياعا]، ومنهم من يقطعها بالمعاصي. قال بعض السلف: أصبحتم في أمنية ناس كثير، يعني أن الموتى كلهم يتمنون حياة ساعة ليتوبا فيها ويجتهدوا في الطاعة، ولا سبيل لهم إلى ذلك. شعر:

لو قيل لقوم ما مناكم طلبوا ... حياة يوم ليتوبوا فاعلم

ويحك يا نفس ألا تيقظ يقع ... قبل أن تزل قدمي

مضى الزمان في توان وهوى ... فاستدركي ما قد بقي واغتنمي

فإذا كان الأمر على هذا [فيتيعن] على المؤمن اغتنام ما بقي من عمره، ولهذا قيل إن بقية عمر المؤمن لا قيمة له. وقال سعيد بن جبير (٢) كل يوم يعيشه المؤمن [غنيمة]. وقال بكر المزني (٣): ما من يوم أخرجه الله إلى الدنيا إلا يقول ابن آدم اغتنمني لعله لا ليلة لك بعدي. ولمحمود الوراق:

مضى أمسك الماضي شهيدا معدلا ... وأعقبه يوما عليك جديد

فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة ... فثَنِّ بإحسان وأنت حميد


(١) انظر: جامع العلوم والحكم (٢/ ٥٤).
(٢) قصر الأمل (١٤٥)، وحلية الأولياء (٤/ ٢٧٦).
(٣) الزهد لابن أبي الدنيا (ص ٤٥٣)، وجامع العلوم والحكم (١/ ٣٨٦).