للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له أن يدعو بالموت إلا أن يشترط أن يكون خيرا له عند الله عز وجل، ومنها [تمنيه] (١) خوف فيجوز حينئذ، وقد تمناه ودعا به خشية فتنة الدين خلق من الصحابة وأئمة الإسلام، وفي حديث المنام: وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، ومنها تمني الموت عند حضور أسباب الشهادة اغتناما لحصولها يجوز ذلك أيضا، وسؤال الصحابة الشهادة وتعرضهم لها عند حضور الجهاد كثير مشهور، وكذلك سؤال معاذ لنفسه وأهل بيته الطاعون لما وقع بالشام، ومنها تمنيه لمن وثق بعمله شوقا إلى لقاء الله عز وجل فهذا يجوز أيضا وقد فعله كثير من السلف. قال أبو الدرداء (٢) أحب الموت اشتياقا إلى ربي، وقد دل على ذلك قول الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٣) الآية.

قوله: {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} (٤) إلى قوله: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ}، فدل ذلك على أن أولياء الله لا يكرهون الموت بل يتمنونه ثم أخبر أنهم لا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم فدل على أنه إنما يكره الموت من له ذنوب يخاف


(١) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(٢) حلية الأولياء (١/ ٢١٧)، وشرح السنة (١٤/ ٢٥٠)، وصفة الصفوة (١/ ٦٣٦)، ولطائف المعارف لابن رجب (ص: ٢٩٦).
(٣) البقرة: ٩٤.
(٤) الجمعة: ٦.