للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد" الحديث. إما محسنا هو بكسر الهمزة على أنها عاطفة ومحسنا إما خبر كان المحذوفة أي إما أن يكون محسنا أو حال تقديره إما أن يتمناه محسنا. وقوله: "يستعتب" بفتح الياء أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرضى. يقال: استعتب إذا طلب أن يرضى عنه، وتقدم الكلام على الاستعتاب في حديث أم الفضل وقبله.

قوله: "وفي رواية لمسلم لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه" الحديث. أشار بقوله من قبل أن يأتيه إلى أن في الدعاء بالموت قبل حلوله نوع اعتراض ومراغمة للمقدور والمحتوم. فإن قلت: وسائر الأدعية كذلك لأنها إما مقدرة فلا فائدة في سؤالها لوقوعها لا محالة أو غير مقدرة ففي سؤالها اعتراض ومراغمة للقدر، هذا يؤدي إلى سدّ باب الدعاء وهو باطل. قلت: أما الدعاء بالمغفرة والرحمة والأمور الأخروية ففيه إظهار الافتقار والمسكنة والخضوع والتذلل والاحتياج.

وأما الدعاء بالموت فلم يظهر فيه مصلحة لما فيه من طلب إزالة نعمة الحياة وما يترتب عليها من الفوائد. أشار النبي -عليه السلام- إلى المعنى في النهي عن تمني الموت والدعاء به، اهـ. قاله العراقي في شرح الأحكام (١).

قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه إذا مات انقطع عمله، قال النووي رحمه الله تعالى (٢) هكذا هو في بعض نسخ مسلم وفي كثير منها


(١) طرح التثريب في شرح التقريب (٣/ ٢٣٤).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٧/ ٨).