للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: "فوالله لئن قدر الله عليّ ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا" الحديث، اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، فقالت طائفة لا يصح حمل هذا الحديث على أنه أراد نفي قدرة الله تعالى إحيائه وإعادته كما هو ظاهر الحديث، فإن الشاك في قدرة الله تعالى كافر مع كون الحديث يدل على إسلامه من وجهين: أحدهما إخباره بأنه إنما فعل هذا من خشية الله تعالى والكافر لا يخشى الله تعالى. والثاني إخباره عليه الصلاة والسلام بأن الله غفر له والكافر لا يغفر له. قالوا: هؤلاء فيكون للحديث تأويلان: أحدهما أن معناه لئن قدر الله علي العذاب وعدم العفو أي [حكم] وقضى، يقال منه قدر بالتخفيف وقدّر بالتشديد بمعنى واحد.

والثاني إن قدر هنا بمعنى ضيّق عليّ، فقوله: لئن قدر الله علي أي لئن ضيّق، ومنه قوله تعالى {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} (١)، وهو أحد الأقوال في قوله تعالى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} (٢)، وقالت طائفة اللفظ على ظاهره وذكروا له تأويلات: أحدها أن هذا الرجل قال هذا الكلام وهو غير ظابط لكلامه ولا قاصد لحقيقة معناه ومعتقد لها بل قاله في حالة غلب عليه فيها الدهش والخوف والجزع الشديد بحيث ذهب تيقظه وتدبره ما يقوله فصار في معنى الغافل والناسي، وهذه الحالة لا يؤاخذ فيها وهو نحو قول القائل الآخر الذي غلب عليه الفرح حين وجد راحلته فقال: أنت عبدي وأنا ربك أخطأ


(١) الفجر: ١٦.
(٢) الأنبياء: ٨٧.