التمني أن التمني يكون مع الكسل ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، والرجاء يكون مع بذل الاجتهاد وحسن التوكل فالأول كحال من تمني أن تكون له أرض يبذرها ويأخذ زرعها والثاني كحال من شق أرضه ويفلحها ويبذرها ويرجو طلوع الزرع. ولهذا أجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل والرجاء ثلاثة أنواع نوعان محمودان ونوع غرور مذموم فالأولان رجاء رجل عمل بطاعة الله تعالى على نور من الله فهو راج لثوابه ورجل أذنب ذنبا ثم تاب منه إلى الله تعالى فهو راج لمغفرته. والثالث رجل متماد في التفريط والخطايا يرجو رحمة الله تعالى بلا عمل فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب وللسّالك نظران نظر إلى نفسه وعيوبه [وآفات عمله] يفتح عليه باب الخوف ونظر إلى سعة رحمة الله وفضله وكرمه وبره يفتح عليه باب الرجاء، ولهذا قيل في حد الرجاء هو النظر إلى سعة رحمة الله تعالى.
وقال أبو علي الرّودباري (١) رحمت الله عليه الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتمّ طيرانه وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت. واختلفوا [أي] الرجائين أكمل رجاء المحسن ثواب إحسانه أو رجاء المذنب المسيء التائب مغفرة ربه وعفوه، [فطائفة] رجحت رجاء المحسن لقوة أسباب الرجاء معه وطائفة رجحت أسباب رجاء المذنب لأن رجاءه مجرد عن علة رؤية العمل مقرون