يستفرغ بإخراج الدم بالشرط وفي معناه الفصد والبط والعلق، ومنها ما يُستفرغ بالعسل وما في معناه من الأدوية المسهلة ومنها ما يستفرغ بالكي فإنه يخفف رطوبات موضع المرض وهو آخر الطبّ. وأما ما كان من العلل عن ضعف قوة من القوى فعلاجه ما يقوِّي تلك القوة من الأشربة، ومن أنفعها في ذلك العسل إذا استعمله على وجهه. وأما ما كان من العلل غير مفهوم السبب كالسحر والعين ونظرة الجن فعلاجه بالرّقا والكلام الحسن وأنواع من الخواصّ مغيبة [السرّ] ولهذا القسم أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما روي عنه أنه زاد في هذا الحديث أو آية من كتاب الله زيادة على ما ذكر فيما تقدم منه [قال] الشيخ، هذا معنى ما قاله علماؤنا، ويمكن أن يقال أنّ هذه المذكورات في هذا الحديث إنما خُصّت [بالذكر] لأنها كانت [غالب] أدويتهم وأنفع لهم من غيرها. [بحكم] اعتيادهم لها ومناسبتها لغالب أمراضهم ولا يلزم أن تكون كذلك في حق غيرهم ممن يخالفهم في بلادهم وعاداتهم وأهويتهم ومن المعلوم بالمشاهدة اختلاف [العلاجات في الأدوية] بحسب اختلاف البلاد والعادات وإن اتحدت أسباب الأمراض، والله أعلم.
قوله:"وما أحب أن أكتوي" وفي لفظ البخاري: وأنا أنهى أمتي عن الكي، إنما كان ذلك لشدة ألم الكي فإنه يربي على ألم المرض ولذلك لا يُرجَع إليه إلا عند العجز عن الشفاء بغيره من غير الأدوية وأيضا فلأنه شبّه التعذيب بعذاب الله الذي نهي عنه (١)، قاله في الديباجة.