للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألة الرابعة: يجوز الجماع مستقبل القبلة في الصحراء والبنيان، هذا مذهبنا ومذهب أبي حنيفة وأحمد وداود، واختلف فيه أصحاب مالك فجوزه ابن القاسم وكرهه ابن حبيب، والصواب: الجواز، فإن التحريم إنما يثبت بالشرع ولم يرد فيه نهي، واللّه أعلم.

فائدة: والفرق من حيث المعنى بين الصحاري والبيوت، أن الصحاري لا تخلوا عن مصل من ملك أو جني أو إنسي، فربما وقع بصره على فرجه فيتأذى به، وأما الحس في البنيان فموضع الشياطين، وأيضًا لا مشقة في تجنبه في الصحراء بخلاف البيوت، وهذه الأدلة تدل على عدم التحريم في البنيان لكن الأدب أن يتوقى ذلك، وفي أثر: "أن للّه خلقًا من عباده يصلون في الصحراء فلا تستقبلوهم ولا تستدبروهم، وأما بيوتكم هذه التي تتخذونها للنتن فلا قبلة لها" (١).

فائدة أيضًا: واختلفوا في علة النهي عن استقبال القبلة واستدبارها فالأصح أنه لاحترام عين الكعبة لما روى من حديث سراقة بن مالك عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة اللّه عَزَّ وَجَلَّ ولا يستقبل القبلة" (٢) وعلى هذا فيحرم استقبال المصحف واستدباره بالبول والغائط لأنه أعظم حرمة من الكعبة (٣)، واللّه أعلم.


(١) انظر شرح السنة (١/ ٣٦٢)، والمجموع (٢/ ٨٢ - ٨٣)، وكفاية النبيه (١/ ٤٤٤).
(٢) أخرجه الخطابي في غريب الحديث (٢/ ٥٥٩) موقوفًا.
(٣) انظر إحكام الأحكام (١/ ٩٦)، والعدة في شرح العمدة (١/ ١١٩)، والمفهم (٣/ ١٤٧).