قوله:"أن ابن عباس مات له ابن بقديد أو بعسفان" الظاهر أنه كان بالغا لأنه طلب له شفاعة المصلين فدل على الخوف عليه من جهة التكليف فإن الصبي لا خوف عليه ويحتمل أن يكون صبيا وتكون الشفاعة إما لرفع الدرجات وإما أن شدة الخوف تقتضي ذلك فإن الله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل، ومذهب أهل السنة أن [له] تعالى تعذيب الطائع وتنعيم العاصي (١) والله أعلم.
وقوله:"ما من رجل مسلم" يدل للأول، وقد جاء: ما من ميت، وهذا يدل على الثاني لعمومه في الكبير والصغير والذكر والأنثى، إلا أن الظاهر حمله على البالغ للرواية الأخرى، والله أعلم.
قوله:"قديد" بضم القاف وفتح الدال ثم ياء ساكنة ثم دال على مرحلة من عسفان وعسفان بضم العين وسين ساكنة مهملتين قرية جامعة بها منبر وهي
(١) نقل هذا المذهب عن الأشاعرة الماتريدى كما في تفسيره (١/ ١٧٢ - ١٧٣) وكذلك الشاطبي في الموافقات (٢/ ٤٨٦) وقال الأشاعرة بجوازه عقلا وامتناعه شرعا وقال الماتريدي بامتناعه شرعا وعقلا والاختلاف بينهما على مسألة الحكمة من التصرف ويقول ابن تيمية في منهاج السنة (٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥): وأما قوله: ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما فقد قدمنا [أن] للمثبتين للقدر في تفسير الظلم الذي يجب تنزيه الله عنه قولين أحدهما: أن الظلم [هو] الممتنع لذاته وهو المحال لذاته، وإن كان ما يمكن أن يكون فالرب قادر عليه، وكل ما كان قادرا عليه لا يكون ظالما. وهذا قول الجهم والأشعري وموافقيهما، وقول كثير من السلف والخلف، أهل السنة والحديث، ويروى عن إياس بن معاوية قال: ما ناظرت بعقلي كله إلا القدرية، قلت لهم: أخبروني عن الظلم ما هو؟ قالوا: التصرف في ملك غيره. قلت: فلله كل شيء. وهذا قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم.