للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: "فأمره أن ينهاهن" الحديث. والنهي عن البكاء إنما هو إذا كان مع النياحة ونحوها.

قوله: فذهب الرجل ثم أتى فقال: والله لقد غلبنني أو غلبننا الحديث: معناه: لم يطعن الناهي لهن عن البكاء إما لأنه لم يصرح لهن بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاهن فظنن منه أنه [كالمتحسب] في ذلك وكالمرشد للمصلحة أو لأنهن غلبن في أنفسهن على سماع النهي لحرارة المصيبة والله أعلم. قاله القرطبي (١).

قوله: فاحث في أفواههن التراب، هو بضم الثاء المثلثة وكسرها يقال حثا يحثو أو حثا يحثي لغتان، وهذا يدل على أنهن صرخن إذ لو كان بكاء العين فقط لم يكن لملئ أفواههن بالتراب معنى وليس أمره عليه السلام للرجل بذلك ليفعله بهن على كل حال ولكن على طريق أن هذا مما [يسكتهن] لو فعلته، فافعله إن أمكنك، وهو لا يمكنك [وأمره]-صلى الله عليه وسلم- بذلك مبالغة في إنكار البكاء عليهن ومنعهن منه ثم تأوّله بعضهم على أنه بكاء بنوح وصياح ولهذا تأكد النهي ولو كان مجرد دمع العين لم ينه عنه لأنه -صلى الله عليه وسلم- فعله وأخبر أنه ليس بحرام وأنه رحمة وتأوله بعضهم على أنه كان بكاء من غير نياحة ولا صوت قال: ويبعد أن الصحابيات يتمادين بعد تكرار نهيهن على محرم [وإنما كان أي منهن مجرّد] (٢) والنهي عنه نهي تنزيه أو أدب لا للتحريم فلهذا أصررن


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٨/ ٦٦).
(٢) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.