للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

متّعظين بما أصاب أهل تلك الديار وقد أمرهم الله تعالى بالانتباه والاعتبار في مثل تلك المواطن (١).

قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله (٢): معنى الحديث أن الداخل في ديار قوم أهلكوا بخسف أو عذاب إذا لم يكن باكيا إما شفقة عليهم وإما خوفا من حلول مثلها به فهو قاسي القلب قليل الخشوع غير مستشعر للخوف والوجل فلا يأمن إذا كان هذا حاله أن يصيبه ما أصابهم، اهـ.

قال الكرماني (٣): وفي هذا الحديث دلالة على أن ديار هؤلاء لا تُسكن بعدهم ولا تتّخذ وطنا لأن المقيم المستوطن لا يمكنه أن يكون دهره باكيا أبدا، وقد نهي أن يدخل دورهم إلا بهذه الصفة، وفيه المنع من المقام بها والاستيطان، اهـ.

قال ابن بطال شارح البخاري رحمه الله تعالى (٤): هذا إنما هو من جهة التشاؤم بالبقعة التي نزل بها السخط، يدل عليه قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (٥) الآية، في مقام التوبيخ على السكون فيها، فيها، وقد تشاءم -صلى الله عليه وسلم- بالبقعة التي نام فيها عن الصلاة ورحل عنها ثم صلى


(١) الميسر (٣/ ١٠٩٤)، وشرح المصابيح (٥/ ٣٥٨) لابن ملك.
(٢) أعلام الحديث (١/ ٣٩٤).
(٣) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (٤/ ٩٥).
(٤) شرح الصحيح (٢/ ٨٧) لابن بطال، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (٤/ ٩٥).
(٥) سورة إبراهيم، الآية: ٤٥.