للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد قال عبد الحق الإشبيلي (١): حدّثني الفقيه أبو الحكم بن برجان وكان من أهل العلم والعمل أنهم دفنوا ميتا بقريتهم في شرف إشبيلية فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحية يتحدّثون ودابة ترعى قريبا منهم فإذا بالدابة أقبلت مسرعة إلى القبر فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع ثم ولّت فارة فعلت ذلك مرة بعد أخرى. قال أبو الحكم فذكرت عذاب القبر وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم، ثم ذكر لنا هذه الحكاية ونحن نسمع عليه في كتاب مسلم لما انتهى القارئ إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنهم ليعذبون عذبا تسمعه البهائم، وهذا السماع واقع على أصوات المعذبين، اهـ. ذكره ابن قيم الجوزية في كتاب الروح. (٢)

[٥٣٨٦] وَعَن أنس -رضي الله عنه- أَن رَسُول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَوْلا أَن لا تدافنوا لَدَعَوْت اللّه أَن يسمعكم عَذَاب الْقَبْر رَوَاهُ مسلم. (٣)

قوله: "وعن أنس" تقدم الكلام على مناقبه رضي اللّه عنه.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: لولا أن [لا] تدافنوا لدعوت اللّه أن يُسمعكم عذاب القبر، الحديث فيه إطلاع اللّه تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام على ما شاء من الغيب ومعنى الحديث أن لا يدفن بعضكم بعضا لما تشاهدونه من الهول العظيم وقيل لموتكم أجمعين من شدة سماع العذاب فلا تجدون من


(١) العاقبة في ذكر الموت (ص: ٢٤٧).
(٢) الروح (ص: ٥٣).
(٣) صحيح مسلم (٦٨) (٢٨٦٨).