للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الظالم. قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني يجري القصاص بينهما ويحتمل أنها كانت تعقل هذا القدر في دار الدنيا. قال ابن دحية: وهذا جار على مقتضى العقل والنقل لأن البهيمة تعرف النفع والضر فتنفر من العصى وتقبل العلف وينزجر الكلب وإذا أُشلي استشلى والطير والوحش تفر من الجوارح استدفاعا لشرها. فإن قيل: القصاص انتقام والبهائم ليست بمكلفة. فالجواب أنها ليست بمكلفة لأن الله سبحانه وتعالى يفعل في ملكه ما أراد كما سلط [عليهم] في الدنيا التسخير لبني آدم والذبح لما يؤكل منها فلا اعتراض عليه سبحانه وتعالى، وأيضًا فإن البهائم إنما يقتص لبعضها من بعض لأنها تطالب بارتكاب نهي ومخالفة أمر لأن هذا مما خص الله تعالى به العقلاء، ولما كثر التنازع رجعنا إلى ما أمرنا به ربنا بقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (١) الآية ووجدنا القرآن يدل على الإعادة في الجملة، قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} إلى قوله: {يُحْشَرُونَ} (٢) وقال تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)} (٣) والحشر في اللغة الجمع لبعث الساعة، اهـ. وقال بعض العلماء أيضا: فإن قيل فإذا كانت- يعني البهائم- غير مكلفة فلماذا تبعث يوم القيامة؟ قيل ليس التكيف علة للبعث لأن الأطفال والمجانين يبعثون وكانوا في الدنيا غير


(١) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٣٩.
(٣) سورة التكوير، الآية: ٥.