فهذه الأحاديث تدل على أن الإمام إذا صلى جالساً فإن من خلفه يتابعونه ويصلون جلوساً كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمر به (١).
الراجح
بعد عرض أقوال أهل العلم في المسألة وما استدلوا به يظهر لي-والله أعلم بالصواب-ما يلي:
أولاً: إن القول بنسخ الصلاة قعوداً إذا كان الإمام يصلي جالساً له وجه؛ لأن الصحابة-رضي الله عنهم- قد صلوا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- قياماً في مرض موته -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس، وكان ذلك بعد ما بدأ أبو بكر -رضي الله عنه- بالصلاة قياماً واقتدى من خلفه به، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلى بهم تلك الصلاة وهو جالس، وهم خلفه قيام. وقد كان ذلك بعد قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً). فيدل ذلك على نسخه؛ لأنه لا شك أن صلاتهم خلفه -صلى الله عليه وسلم- قياماً وهو قاعد كان بعد الأمر الأول.
إلا أن صلاتهم خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- قياماً في مرض موته -صلى الله عليه وسلم- يتطرق إليه احتمالات منها:
أ-أن يكون ذلك ناسخاً للأمر الأول.
ب- أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمرهم بالقعود لأنهم ابتدءوا الصلاة قياماً.
(١) انظر: المغني ٣/ ٦٢؛ شرح الزركشي ١/ ٤١٥؛ فتح الباري ٢/ ٢١٩.