للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يدل على إعادة الحج عليه بعد العتق فلعل أن ذلك كان في وقت ما كانت الهجرة فرضاً، وقد كان ذلك قبل فتح مكة، فتكون أدلة فرض الحج على المسلمين البالغين من استطاع إليه سبيلاً متأخرة عن ذلك، وهي عامة تشمل العبد والحر في أنهما يجزئ عنهما حجهما عن حجة الإسلام، ولا يجب عليهما إعادته مرة ثانية (١).

واعترض عليه: بأن لفظ الناس في هذه الأدلة وإن كان عاماً يشمل الحر والعبد، إلا أن العبد خرج من هذا العموم بقوله تعالى: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. وكذلك بحديث ابن عباس -رضي الله عنه- وما في معناه؛ فإنه يدل على أن العبد مستثنى من هذا الحكم العام، فهو دليل خاص، والخاص يقدم على العام ويقضى به عليه، ولا ينسخ الخاص بالعام (٢).

الراجح

بعد ذكر ما قيل في المسألة من الأقوال مع بيان أدلتها، يظهر لي- والله أعلم بالصواب- ما يلي:

أولاً: إن الراجح هو القول الأول، وهو أن العبد إذا حج ثم أعتق أن عليه حجة أخرى إذا استطاع إليه سبيلاً، وذلك:


(١) انظر: المحلى ٥/ ٣، ١٥ - ١٨.
(٢) انظر: الأم ٢/ ١٢٢؛ أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٣٣، ٣٤؛ أحكام القرآن لابن العربي ١/ ١٠٧، ٢٨٧؛
الجامع لأحكام القرآن ٤/ ١٤٢؛ بدائع الصنائع ٢/ ٢٩٤؛ المغني ٥/ ٤٥؛ المجموع ٧/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>