للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأدلة تدل على بقاء الهجرة من دار الكفر ما كان العدو يقاتل، وأنها لم تنقطع، كما تدل على وجوبها على من لم يستطع إظهار دينه، وإقامة واجباته، واستطاع الهجرة (١).

دليل القول الثاني

ويستدل للقول القول الثاني-وهو أن الهجرة قد انقطع بعد فتح مكة، فلا تجب على أحد-بالأدلة التي سبق ذكرها في دليل القول بالنسخ، وقد سبق ما يعترض به على الاستدلال منها.

الراجح

الذي يظهر لي- والله أعلم بالصواب- أن الراجح هو القول الأول، وهو أن الهجرة لم تنقطع، ولم تنسخ، وأنها تجب على المسلم الذي يقيم في دار الحرب إذا استطاع الهجرة، ولم يتمكن من إظهار دينه، وذلك لما يلي:

أولاً: لأن هذا القول يمكن أن يجمع به بين هذه الأحاديث كلها، وذلك بحمل ما يدل على انقطاع الهجرة، على انقطاعها من مكة، ومن كل بلد أسلم أهلها. وحمل ما يدل على عدم انقطاع الهجرة، على عدم انقطاعها من دار الكفر (٢).

وما دام الجمع بين الأدلة ممكناً لا يصار إلى ترك بعضها ولا إلى


(١) انظر: التمهيد ١٣/ ٢٦٢؛ المغني ١٣/ ١٥١؛ العزيز ١١/ ٣٤١؛ زاد المعاد ٣/ ١٢٢.
(٢) انظر: المغني ١٣/ ١٥٠، ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>