للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه. فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك. فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يتثاورون (١)، فلم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي -صلى الله عليه وسلم- دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أيا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب؟ -يريد عبد الله بن أبيّ- قال كذا وكذا» قال سعد بن عبادة: يا رسول الله اعف عنه واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة (٢) على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة (٣)، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق (٤) بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ


(١) يتثاورون من الثور، وهو الوثب والهيجان. ويقال: ثار إذا قام بسرعة وانزعاج. انظر: القاموس المحيط ص ٣٢٤؛ فتح الباري ٨/ ٩٢.
(٢) البحيرة تصغير البحرة، وهي البلد، والقرية. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ١٠٦.
(٣) يعصبوه بالعصابة أي يسودوه ويملكوه، وكانوا يسمون السيد المطاع: معصباً، لأنه يعصب بالتاج، أو تعصب به أمور الناس أي ترد إليه وتدار. أو لأنهم يعصبون رؤوسهم بعصابة لا تنبغي لغيرهم. انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/ ٢١٢؛ فتح الباري ٨/ ٩٢.
(٤) شرق أي غص، يقال: شرق الميت بريقه إذا غص به. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٨٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>