للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض عليه: بأن هذه الآيات عامة في الأزمنة، والآية التي تدل على تحريم القتال في الشهر الحرام خاص، والعام لا ينسخ الخاص (١).

وقد يجاب: بأن نزول العام بعد الحكم الخاص لا يصلح ناسخاً له؛ لإمكان الجمع بينهما، بحمل العام على ما عداء محل الخصوص. إلا أن هذه العمومات لما عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعمومها بعد نزولها على خلاف مقتضى الخاص فإنه يصلح كونه ناسخاً له، لا بمجرد كونه عاماً بل بما اقترن معه من عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- على خلاف الحكم الخاص. ويدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عمل على خلاف هذا الحكم الخاص ما روي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-وعروة، والزهري. وقد سبق ذكرها.

ثانياً: -من وجوه النسخ- أن قوله تعالى في سورة براءة: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (٢). ناسخ للنهي عن القتال في الشهر الحرام؛ لأن معناه: لا تظلموا فيهن أنفسكم بالامتناع من قتال المشركين ليجترؤوا عليكم، بل قاتلوهم


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/ ١٤٧؛ الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٤٣.
(٢) سورة التوبة، الآية (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>