للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض عليه: بأن ما يدل على قبول هداياهم أكثر وأقوى من هذه الأحاديث، على أنه ليس فيها ما يدل على تأخرها على ما يدل على جواز قبول هداياهم، وإنما هو احتمال والنسخ لا يثبت بالاحتمال (١).

ويستدل لمن قال بنسخ ما يدل على عدم جواز قبول هدايا المشركين بأدلة منها ما يلي:

أولاً: عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- قال: غزونا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- غزوة تبوك، فلمّا جاء وادي القرى إذا امرأة في حديقة لها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «اخرصوا» وخرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرة أوسق، فقال لها: «أحصي ما يخرج منها» فلمّا أتينا تبوك قال: «أما إنها ستهبُّ الليلة ريح شديدة فلا يقومنّ أحد، ومن كان معه بعير فليعقله» فعقلناها، وهبَّت ريح شديدة فقام رجل فألقته بجبل طيّئ. وأهدى ملك أيلة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بغلة بيضاء، وكساه برداً، وكتب له ببحرهم، فلمّا أتى وادي القرى قال للمرأة: «كم جاء حديقتك؟» قالت: عشرة أوسق خرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) الحديث (٢).

ثانياً: عن أنس -رضي الله عنه-: (أن أُكيدر (٣) دومة الجندل أهدى لرسول الله


(١) انظر: الاستذكار ٤/ ٨٩؛ فتح الباري ٥/ ٢٧٣؛ تحفة الأحوذي ٥/ ١٨٩.
(٢) سبق تخريجه في ص ٨٧٥.
(٣) هو: أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن، رجل من كندة كان ملكا عليها، وكان نصرانياً، وأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- خالداً -رضي الله عنه- فأسره، وقدم به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحقن دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله. قيل: إنه أسلم، وقيل: لم يسلم، وقيل: أسلم ثم ارتد. انظر: السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٥٢٦؛ الإصابة ١/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>