للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدل من هذه الأدلة على نسخ التوارث بالحلف والمعاقدة عند وجود القرابات وعدم النسخ عند عدم القرابات: بأن بعض هذه الأدلة يدل على أنه كان في أول الإسلام التوارث بالحلف والمعاقدة، ثم نسخ الله ذلك فجعل التوارث بالنسب والقرابة، لكن هذا النسخ لم يكن كلياً بل جعل أولوا الأرحام أولى منهم؛ حيث قال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}. فدل ذلك أن عند وجود أولي الأرحام لا يتوارث الحلفاء؛ لأن أولوا الأرحام أولى منهم، أما عند عدم وجود القرابة وأولي الأرحام فإن الحلفاء يرثون، بدلالة هذه الآية، وكذلك بدلالة حديث تميم المذكور؛ حيث جاء فيه: (هو أولى الناس بمحياه ومماته)، فهو يقتضي أن يكون أولاهم بميراثه، إذ ليس بعد الموت بينهما ولاية إلا في الميراث (١).

واعترض عليه: بأن التوارث الذي كان في الجاهلية وأول الإسلام بالحلف والمعاقدة والإخاء قد نسخ، ولا حلف بعد ذلك في الإسلام، فعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية، لم يزده الإسلام إلا شدة» (٢).

وعن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم فتح مكة: «فوا بحلف، فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا تحدثوا


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٢٣٣، ٢٣٤.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٨/ ١٤٠، كتاب فضائل الصحابة، باب مؤاخاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه، ح (٢٥٣٠) (٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>