للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الاستدلال منهما هو: أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «الأيم أحق بنفسها من وليها» يمنع أن يكون للوليّ حق في منع الأيم العقد على نفسها، والأيم اسم لامرأة لا زوج لها. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس للوليّ مع الثيب أمر» يسقط اعتبار الوليّ في العقد. فيكون في الحديثين دلالة على جواز أن تعقد المرأة على نفسها من غير إذن وليها (١).

واعترض عليه: بأن ورود الحديث بلفظ: (ليس للوليّ مع الثيب أمر» مختلف فيه (٢)، والصحيح وروده بلفظ: (الأيم أحق بنفسها من وليها) وبلفظ: «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تُستأمر، وإذنها سكوتها» (٣).

والأيم وإن كان يطلق على كل من لا زوج له، إلا أن الروايات تفسر بعضها البعض، فالرواية الثانية للحديث تبين أن المراد بالأيم الثيب (٤).

وكون الأيم أو الثيب أحق بنفسها من وليها يحتمل احتمالين:

الأول: أنها أحق من وليها بكل شيء من عقد وغيره.

الثاني: أنها أحق من وليها بالرضا، أي أنها لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر فإن سكوتها إذنها.

لكن يتعين الاحتمال الثاني لحمل الحديث عليه؛ للأحاديث الدالة على اشتراط الوليّ كحديث: «لا نكاح إلا بوليّ» وغيره (٥).


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٤٨٦؛ بدائع الصنائع ٢/ ٥١٥، ٥١٦.
(٢) راجع الكلام عليه في تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ٥/ ٣٢٣، كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، ح (١٤٢١) (٦٧)، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-.
(٤) انظر: المنهاج شرح صحيح مسلم ٥/ ٣٢٠، ٣٢١.
(٥) انظر: سنن الترمذي ص ٢٦٢؛ المحلى ٩/ ٣٦؛ الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٧٠؛ المنهاج شرح صحيح مسلم ٥/ ٣٢١؛ فتح الباري ٩/ ١١١، ١١٣؛ تحفة الأحوذي ٤/ ٢٥٤ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>