للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يلي:

أ-أن ابن عباس -رضي الله عنه- هو الراوي لحديث جعل الطلقات الثلاثة واحدة، ثم هو يفتى ويقول

بوقوع الطلقات الثلاث مجموعة، فهو يدل على أنه علم شيئاً نسخ ذلك؛ لأنه لا يشبه أن يكون ابن عباس -رضي الله عنه- يروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً ثم يخالفه بشيء لم يعلمه كان من النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه خلاف (١).

واعترض عليه: بأن مخالفته لما رواه يحتمل احتمالات عديدة من نسيان أو تأويل، أو اعتقاد معارض راجح في ظنه، أو اعتقاد أنه منسوخ أو مخصوص، أو غير ذلك من الاحتمالات، فكيف يسوغ ترك روايته مع هذه الاحتمالات؟ وهل هذا إلا ترك معلوم لمظنون أو مجهول؟ (٢).

ب- إن الصحابة -رضي الله عنهم-لما خاطبهم عمر -رضي الله عنه- وذكر شأن الطلاق الثلاث، و قال لهم: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، ثم أمضاه عليهم، لم ينكر ذلك عليه منهم منكر، ولم يدفعه دافع. فكان ذلك إجماعاً منهم على وقوع الطلاق الثلاث معاً.

والإجماع ليس بناسخ لكنه يدل على وجود ناسخ؛ فيكون في إجماعهم ذلك دليلاً على وجود ناسخ لجعل الطلاق الثلاث واحدة-وإن كان خفي عن بعضهم قبل ذلك حتى ظهر لجميعهم في عهد عمر -رضي الله عنه- وعلى وقوع الطلقات الثلاث مجموعة (٣).


(١) انظر: شرح معاني الآثار ٣/ ٥٧؛ السنن الكبرى للبيهقي ٧/ ٥٥٣؛ فتح الباري ٩/ ٣١٥.
(٢) انظر: زاد المعاد ٥/ ٢٦٥.
(٣) انظر: شرح معاني الآثار ٣/ ٥٦؛ الناسخ والمنسوخ لابن العربي ص ٧٤؛ رسوخ الأحبار ص ٤٥٣؛ فتح الباري ٩/ ٣١٧؛ فتح القدير ٣/ ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>