للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتل بالذمي، والأحاديث المذكورة بعده تدل على أن المسلم لا يقتل بالكافر لا بالذمي ولا بغيره (١)، فتكون هذه الأحاديث ناسخة لحديث ابن البيلماني على تقدير صحته وثبوته؛ لأن حديث (لا يقتل مسلم بكافر) خطب به النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة، كما في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-، وحديث ابن البيلماني كان في قصة المستأمن الذي قتله عمرو بن أمية (٢)، وهي متقدمة على فتح مكة بزمان (٣).

واعترض عليه: بأن حديث ابن البيلماني لم يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يقتل الرجل من خزاعة على قتله رجلاً من هذيل مع كونه معاهداً، وذلك في فتح مكة. كما أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل عمرو بن أمية -رضي الله عنه- على قتله رجلين معاهدين قبل ذلك. فيثبت من مجموع


(١) لأن الرجل الهذلي الذي قتله خزاعة كان له عهد. انظر: فتح الباري ١٢/ ٣١٧.
(٢) ذكر أهل السير أن عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- لما قُتل أصحابه في سرية بئر معونة سنة أربع، وتركه عامر بن الطفيل ولم يقتله من أجل أنه من مضر، فلما كان في طريقه إلى المدينة قتل رجلين من بني عامر، ثأراً لأصحابه، ولم يعلم أنه كان معهم من النبي -صلى الله عليه وسلم- عهد وعقد. فلما قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخبره الخبر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قتلت قتيلين لأدينهما). انظر: السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ١٨٦؛ زاد المعاد ٣/ ٢٤٨؛ الرحيق المختوم ص ٢٩٤.
(٣) انظر: مختصر المزني ص ٣١٢؛ معرفة السنن والآثار ١٢/ ٢٨؛ الاعتبار ص ٤٥١ - ٤٥٤؛ التحقيق لابن الجوزي
٣/ ٢٥٥؛ رسوخ الأحبار ص ٤٦٧ - ٤٧٠؛ فتح الباري ١٢/ ٣١٧؛ سبل السلام ٣/ ٤٤٥؛ تحفة الأحوذي ٤/ ٧٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>