للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيثبت من مجموع هذه الأدلة أن القاتل يقاتل ويقتص منه بمثل ما قتل (١).

واعترض عليه: بأنه ثبت أن حديث العرنيين كان قبل نسخ المثلة، وحديث رضخ رأس اليهودي يحتمل كذلك أن يكون قبل نسخ المثلة؛ فإن في حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- وفي معناه حديث سمرة -رضي الله عنه- قوله: «ما خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبة إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة»، فهو يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى في آخر خطبه نهى عن المثلة، فتكون أحاديث النهي عن المثلة ناسخة لحديث أنس -رضي الله عنه- في قصة العرنيين، وكذلك لحديثه في رضخ رأس اليهودي (٢).

أما الآيات فإن آية {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (٣). وكذلك آية: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (٤). مكيتان، فعن ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}، وقوله: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١]. وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}. وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}. فهذا ونحوه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل ليس لهم


(١) انظر: المحلى ١٠/ ٢٥٦ - ٢٥٨؛ بداية المجتهد ٤/ ١٦٦٥؛ المغني ١١/ ٥٠٩؛ المنهاج شرح صحيح مسلم ٦/ ٢١٨، ٢٢٢؛ الشرح الممتع ٦/ ٦١، ٦٢.
(٢) انظر: شرح معاني الآثار ٣/ ١٧٩ - ١٨٤؛ أحكام القرآن للجصاص ١/ ١٩٨.
(٣) سورة النحل، الآية (١٢٦).
(٤) سورة الشورى، الآية (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>