للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تكون ما يدل عليه الأحاديث الأربعة الأولى من جواز العقوبة بالمال منسوخاً، بالأحاديث الأربعة الأخيرة؛ لأنها تدل على أنه ليس في المال حقاً سوى الزكاة، فهي تنافي ما يدل عليه الأحاديث الأربعة الأولى (١).

واعترض عليه: بأن نسخ العقوبة بالمال في بعض الصور لا يلزم منه نسخ العقوبة بالمال مطلقاً؛ لأنه لا يوجد دليل يدل على نسخه مطلقاً، ولذلك عمل الأئمة بالعقوبة بالمال بعد رسو الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد روي أن أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما- حرقا متاع الغال، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه» (٢).

وأمر عمر وعلي -رضي الله عنهما- بتحريق المكان التي يباع فيه الخمر (٣).

كما أن التعزير والعقوبة بالمال راجع إلى اجتهاد الإمام، فإن رأى الإمام المصلحة في التعزير به عزر، وإلا فلا، وترك الأئمة له بعض الأحيان للمصلحة التي يراها، لا يدل على نسخه (٤).

هذا كان قول من قال بالنسخ، ودليله.


(١) انظر: المهذب مع شرحه المجموع ٥/ ٢١٧.
(٢) سبق تخريجه في ص ١٢٧٧.
(٣) انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ٢٨/ ١١٠ - ١١٤؛ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم ص ٢٠٧ - ٢٠٩؛ إعلام الموقعين ٢/ ٧٥؛ تهذيب السنن لابن القيم ٢/ ١٩٢، ٣/ ٣٩١.
(٤) راجع المصادر في الحاشية السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>