للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل عليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ لأن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كان في وقت كان التعزير والعقوبة بالمال. وقد جاء تحريم الربا بعد ذلك، فردت الأشياء إلى أخذ المثل إذا كان مثلياً، وإلى أخذ القيمة إذا لم يوجد له المثل. كما أن حديث ابن عباس -رضي الله عنه- الدال على تحريم أخذ مال المسلم بغير طيبة نفس منه قاله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، وهو كذلك متأخر. فتكون آيات تحريم الربا، وكذلك الأحاديث الدالة على تحريم أخذ مال المسلم بغير طيبة نفس منه، ناسخة لأخذ المثل مع الغرامة في ضالة الإبل المكتومة والمذكور في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ لتأخرها عليه (١).

واعترض عليه: بأن الأدلة التي يستدل منها على نسخ أخذ المثل مع الغرامة في ضالة الإبل المكتومة أدلة عامة، وما يستدل منه على أخذ الغرامة مع المثل دليل خاص، والجمع بين الخاص والعام ممكن، كما سبق ذكره غير مرة.

ثم إن عمر -رضي الله عنه- قد عمل على وفق الدليل الخاص، فهو مما يدل على أنه غير منسوخ، وأن

الإمام إذا رأى المصلحة في مضاعفة الغرامة تعزيراً فله أن يعمل به (٢).

هذا كان قول من قال بالنسخ، ودليله.

وقد اختلف أهل العلم في الغرامة مع المثل في ضالة الإبل المكتومة


(١) انظر: شرح معاني الآثار ٣/ ١٤٦، ٤/ ١٩٦؛ مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤٧٦؛ التمهيد ١٠/ ١٢٩؛ معرفة السنن والآثار ٦/ ٥٨؛ السنن الكبرى ٤/ ١٧٦.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى ٢٨/ ١١٠ - ١١٧؛ الطرق الحكمية ص ٢٠٧ - ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>