للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نعمّا ما رأيت) فقالوا: أتيناه نستأديه، فإذا هو يسأله (١).

ويستدل منها على النسخ: بأن حديث أبي بردة -رضي الله عنه- يدل على أنه لا يجوز أن يضرب أحد فوق عشرة أسواط في غير الحدود، وحديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- الثاني ظاهر في جواز الضرب أكثر من عشرة أسواط، في غير الحدود، ويدل عليه حديثه الأول كذلك؛ لأن جلد مائة لمن وطئ جارية امرأته بإذنها كان تعزيراً، وإلا لكان حقه الرجم لأنه محصن، فدل ذلك على جواز الضرب فوق عشرة أسواط في غير الحدود. كما يدل حديث عبد الله بن عمرو، وابن عباس -رضي الله عنهم-على جواز الضرب أكثر من عشرة أسواط في غير الحد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما ضرب من قتل عبده مائة تعزيراً، لا أنه كان حده، كما أن عمر -رضي الله عنه- ضرب من عذب جاريته بالنار، مائة تعزيراً، فيكون حديث النعمان بن بشير، وعبد الله بن عمرو-رضي الله عنهم- ناسخاً لحديث أبي بردة -رضي الله عنه-، ويؤيد ذلك إجماع الصحابة-رضي الله عنهم- وعملهم على خلاف حديث أبي بردة -رضي الله عنه- من غير نكير؛ حيث إنهم جلدوا فوق عشرة أسواط في غير الحدود، كما دل عليه ما روي عن عمر، وعلي، وابن مسعود-رضي الله عنهم-، ولم ينكر ذلك عليهم أحد. فيكون ذلك


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٧/ ٤٠٢. وهو من رواية القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، ولعله عبد الرحمن
بن مسعود، قال عنه ابن حجر في التقريب ١/ ٥٧٨: (عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، الهذلي، الكوفي ثقة، من صغار الثانية، مات سنة تسع وسبعين، وقد سمع من أبيه لكن شيئاً يسيراً).

<<  <  ج: ص:  >  >>