للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادساً: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون (١) عليه، وإن الجمل استصعب عليهم فمنعهم ظهره، وإن الأنصار جاؤوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه، وإنه استصعب علينا، ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «قوموا» فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته، فمشى النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه، فقالت الأنصار: يا رسول الله إنه قد صار مثل الكلب الكلِبِ وإنا نخاف عليك صولته، فقال: «ليس عليّ منه بأس» فلما نظر الجمل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل نحوه، حتى خرّ ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بناصيته، أذلّ ما كانت قط، حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه: «يا نبي الله، هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن نعقل، فنحن أحق أن نسجد لك! فقال: «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتبجَّس (٢) بالقيح والصديد، ثم استقبلته تلحسه، ما أدّت حقه» (٣).


(١) يسنون عليه أي يستسقون. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٨١٨.
(٢) تتبجس أي تنفجر. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ١٠٤.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٢٠/ ٦٥. قال المنذري في الترغيب والترهيب ٢/ ٣٠٥: (رواه أحمد والنسائي بإسناد
جيد، رواته ثقات مشهورون، والبزار بنحوه). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٩/ ٧: (رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح غير حفص ابن أخي أنس وهو ثقة). وقال الشيخ الألباني في إرواء الغليل ٧/ ٥٥ - بعد ذكر كلام المنذري والهيثمي-: (وهو كما قالا، ولولا أن خلف بن خليفة-وهو من رجال مسلم، وشيخ أحمد فيه-كان اختلط في الآخر، فلعل أحمد سمع منه قبل اختلاطه. وهو عنده مطول، فيه قصة الجمل وسجوده للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو شاهد جيد لحديث أبي هريرة المتقدم).

<<  <  ج: ص:  >  >>