ويستدل للقول الأول-وهو أن الضيافة سنة، وليست واجبة- بما يلي:
أولاً: ما سبق ذكره في دليل القول بالنسخ من حديث أبي شريح -رضي الله عنه- وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه:«جائزته يوم وليلة».
وفي رواية عنه -رضي الله عنه- قال: سمعت أذناي، وأبصرت عيناي حين تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته»، قال: وما جائزته يا رسول الله؟ قال:«يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، وما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه»(١).
ثانياً: ما سبق في دليل القول بالنسخ من حديث المقداد -رضي الله عنه- وفيه قوله: جئت أنا وصاحب لي، قد كادت أن تذهب أسماعنا وأبصارنا من الجوع، فجلنا نتعرض للناس فلم يضفنا أحد. فأتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: يا رسول الله، أصابنا جوع شديد، فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد فأتيناك).
ثالثاً: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن ناساً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أتوا على حيّ من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا
(١) أخرجه البخاري في صحيحه ص ١٢٨٠، كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ح (٦٠١٩)، ومسلم في صحيحه ٢/ ١٠٢، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف، ح (٤٨) (٧٧).