والسيطرة على الحكم وسيلة من وسائل الحماية والرعاية لحرية الدعوة حتى لا يحول دونها الحكم الجاهلي، وثمرة للتبليغ ليرى قسطاس الله المستقيم قائمًا في أرض الله، ومع الأمر بالتبليغ فلا بد من التطبيق العملي، وليس بصحيح قط أن الإسلام يبيح السكوت على باطل أو على حكم جاهلي في الأرض، إلا إذا كان المسلمون كلفوا من الأمر ما يطيقون، أو كان الدين خامد الجذوة في نفوسهم فهان عليهم وهانوا على الله. وما شرع القتال وهو كره، ولا حرم الفرار من الزحف أشد تحريم إلا لنكون أمة تعلو ولا يعلى عليها، ولو كان صحيحًا أن الجهاد لمجرد تبليغ الدعوة فقط لكان المسلمون يقبلون الجزية ويقيمون في كل بلد فتحوها دعاة ومبشرين ويتركون حكمها لأهلها، ولكن الواقع خلاف ذلك، بل كانت الجزية الدينونة الكاملة لحكم المسلمين.
الحقيقة الناصعة الواضحة كل الوضوح أن أمة الإسلام لا تقر أي حكم جاهلي وهي تقدر على اجتثاثه، والجهاد لإحقاق الحق رتب حسب الطاقة: أعلاها جهاد باليد، فأي عيب يزوي وجوهنا عن مواجهة المستشرقين بالحق من ديننا؟
الشبهة: إن المسلمين حكموا البلاد وفتوحها بالسيف.
ونحن نقول: متى كان الحمل على الحق مثلبة؟ ومتى كان الناس كلهم على مستوى فهم الحق وقبوله مبرئين من الهوى إن لم يكن للحق سيف يحميه؟