للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعارض الدين، فيقال له: وهل فرط الله في الكتاب من شيء؟ وهل ترك عباده هملًا يتخبطون؟ فيرى من نكس الله عقولهم الشر مصلحة فيدعون أن ذلك من الدين، أليس شرع الله ضامنًا لجميع المصالح حائزًا عليها؟ ولقد قال عليه الصلاة والسلام: "لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعي رجال دماء أناس وأموالهم، ولكن البينة على المدَّعي واليمين على من أنكر" وقد ذكر الله في كتابه العزيز أنه خلق الإنسان ظلومًا جهولًا، وأنه لا عصمة الأحد إلا للأنبياء فيما يبلغون عن الله، فكيف يوثق بعقول بعض الناس وتُجعل أفكارهم شريعة؟

الوجه الخامس: أن تلك القواعد التي قعَّدها بعض العلماء وأنكرها بعضهم لا يصح أن تجعل هي دين الله، وذلك كالقياس والمصالح المرسلة والاستحسان وغير ذلك مما جعل قواعد يشرع بها. وفي كتاب الله وسنة رسوله غنية، ففيهما العام والمطلق، وفيهما من الفوائد والأسرار ما يكفي لمن أراد اتباعهما، فهما مضيئان لمن أراد الاهتداء بهما: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (١) والله الهادي إلى سواء السبيل" (٢).


(١) سورة الشورى، الآيتان (٥٢، ٥٣).
(٢) إعلام الأنام بمخالفة شيخ الأزهر شلتوت للإسلام (ص ٢٤٥ - ٢٤٧).

<<  <   >  >>