للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخاصية تقتضي امتناع إقدامه عليها، وقيل: إنها القدرة على الطاعة وعدم القدرة على المعصية، وقيل: إن الله منعهم منها بإلطافه بهم، فصرف دواعيهم عنها، وقيل: إنها تهيئة العبد للموافقة مطلقًا، وذلك يرجع إلى خلق القدرة على كل طاعة" انتهي.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (٧٣) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} (١) ما يلي:

"يخبر الله تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلامه، وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه، بل هو وليّه وحافظه وناصره ومؤيده، ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه في مشارق الأرض ومغاربها. -صلى الله عليه وسلم- تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين" (٢). انتهى

ومن هذا يتبين أن (العصمة) إنما تكون من الله لأنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام؛ يعصمهم الله ويحفظهم من الوقوع في المعصية والذنب، ويقيهم الأذى والزلل، فالله تعالى هو العاصم، والمعصوم هم الرسل والأنبياء، والمعصوم منه هو ما لا يليق شرعًا بمكانة المعصوم.

وبهذا يتضح لك أن (العصمة) لا تقع على الله، وإنما تقع من الله على من عصمه من عباده، وأن الله (عاصم) وليس (بمعصوم)، فإذا قال قائل:


(١) سورة الإسراء، الآيتان (٧٣ - ٧٤).
(٢) تفسير القرآن العظيم: (٤/ ٣٣١).

<<  <   >  >>