المغلوبين، والخونة المجاورين من أولئك، وكل هذا امتداد لما قبله من الدسائس السياسية ضد الإسلام ليشغلوا أهله في أرضهم، ويوقفوا مدَّه الثَّوْري عنهم، فيبقى كالمريض في بيته، فما يُرَى من ظاهر الطائفية المذهبية هو في الحقيقة مبادئ وأحزاب سياسية مطلية بطلاء المذهبية المختلفة.
فالعيب والجريرة هي على السياسة الماكرة الكافرة، لا على الدِّين الصحيح الَّذي اختاره الله أساسًا للوحدة بجميع معانيها.
ثمَّ إن الصليبيين لما عجزوا عن محاربة الإسلام بالسيف غزوه غزوًا ثقافيًا بذلوا فيه الأموال الطائلة للمبشرين، ولما أخفقوا بعد مجهودهم الكبير وأيقنوا استحالة تنصير المسلمين أبرموا الأمر الجديد لإخراج أبنائهم منه فقط، دون أن يتشرفوا بالدخول في المسيحية على زعمهم، بل يعيدوهم إلى ضروب من الوثنية تحت تقديس الجنس والوطن، واستبدال حدود الله بحدوده، وحماية كيان القوم بدل حماية دين الله، واستبدال محبة الله ورسوله بمحبة هذه الطقوس والشعارات، ودعوى العمل للوحدة الَّتي تجمع الفرق تحت اسم القومية، ولا تحل فيهم الأنانية والانتهازية.
وقد عكس الله مقاصدهم وأحاط مجتمعهم بالفوضى وكافة الخلافات والمخازي، ولكنهم يغالطون ويخادعون لتبرير خطتهم الأثيمة، وتغطية باطلهم على الأغمار والسطحيين، فيرمون الدِّين بدائهم هم؛ يرمونه بالطائفية وهم بها أحق وألصق، وقد تحمس لهذه الفكرة الخاطئة لفيف من النصارى ليخدعوا بها المسلمين على حساب الدِّين الإِسلامي الصحيح الَّذي بشر به عيسى فكذبوه؛ وهو الدِّين الَّذي اعترف بكرامة عيسى وأظهر