للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التسامح في الموضع الَّذي يكون فيه التسامح خيرًا.

أحيانًا لا يكون التسامح خيرًا، ولهذا قيد الله عزَّ وجلَّ العفو بالإصلاح فقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (١)؛ لأنَّ العفو أحيانًا لا يكون حميدًا، أحيانًا يكون العفو سببًا لتسلط الأشخاص واستمرارهم في شرورهم، وإذا أُخذوا بالحزم وعوقبوا بما تقتضيه جرائمهم من العقوبة كان في هذا خير كثير وكف أذى، ولهذا يجب ألا نحكم العاطفة في العفو عن الجناة في كل حال، بل يجب أن يكون لدينا رأفة ورحمة، وأن يكون لدينا حزم وعزيمة وقوة.

ألم تسمعوا قول الله -عزَّ وجلَّ-: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} (٢) فنهى الله تعالى عن الرأفة للزاني والزانية، مع أن الرأفة مطلوبة، ومن أسماء الله الرؤوف، لكن الرأفة لها محل، والحزم والأخذ بالعقوبة له محل آخر" (٣).

وقال الدكتور أحمد القاضي: "إن مفهوم التسامح الَّذي يتكئ عليه دعاة التقريب، مفهوم فضفاض يتضمن حقًا وباطلًا، يحتم ضرورة الاستفصال عن المدلول المراد:

فإن أريد بالتسامح: العفو والصفح في المعاملة، بالتنازل عن بعض


(١) سورة الشورى، الآية (٤٠).
(٢) سورة النور، الآية (٢).
(٣) اللقاء الشهري (١١/ ٧ - ٨).

<<  <   >  >>