الحقوق الشخصية مالية أو معنوية، أو ما يحيله الشرع الإِسلامي إلى اجتهاد ولاة أمور المسلمين في معاملة الحربيين من المنِّ أو الفداء، حسب ما تقتضيه السياسة الشرعية، أو منح الذميين والمعاهدين والمستأمنين في المجتمع الإِسلامي حقوقًا مدنية، وإذنًا في البقاء على دينهم وعباداتهم، من غير إكراهٍ لهم على اعتناق الإسلام، فهو حقٌ جاء به الإسلام، وحفل به تاريخه، وفاق به جميع الأنظمة القديمة والحديثة، وقد شهد له بذلك الأعداء (١)، فهو بهذا المدلول فضيلة خلقية، ومنهجٌ نبيل في العلاقات الدولية، والتنظيم الاجتماعي، لا يثلم عقيدة، ولا يهدر كرامة، ولا يضيع حقًا.
وإن كان التسامح يعني: المداهنة، وإعطاء الدنية في الدِّين، وتسوية المسلمين بالمجرمين، وإدانة سبيل السابقين الأولين من المؤمنين، وإباحة جناب المجتمع المسلم لجحافل المنصرين والملحدين لإشاعة الفاحشة الفكرية والخلقية في الذين آمنوا، باسم "الحرية الدينية"، و"التعددية الثقافية"، و"التنوع الحضاري"، وما شابهها في زخرف القول، بحجة تحسين صورة الإسلام والمسلمين في أنظار الغربيين، فما هذا بتسامح، بل خنوع واستخذاء، ونزع للباس التقوى.
يقول أحد دعاة التقريب: "إن التسامح يعد خطًا حضاريًا يقضي بمنح الآخرين حرية التعبير عن الآراء والأفكار الَّتي تغاير الآخرين، كما يسمح بالعيش وفقًا للمبادئ والمعتقدات الَّتي لا ندين بها سوية، إن التسامح أصبح إذًا مسألة لا يمكن فصلها عن الحرية وحقوق الإنسان، إن التسامح
(١) انظر نبذًا من صور التسامح هذا في كتيب: الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب.